موضوع: أبو بكر الصديق الأربعاء فبراير 01, 2012 8:56 pm
خليفة رسول الله أبو بكر الصديق إنه الصديق أبو بكر -رضي الله عنه-، كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة بن عثمان بن عامر فسماه رسول الله ( عبد الله، فهو عبد الله بن أبي قحافة، وأمه أما لخير سلمى بنت صخر.ولد في مكة بعد ميلاد النبي ( بسنتين ونصف، وكان رجلاً شريفًا عالمًا بأنساب قريش، وكان تاجرًا يتعامل مع الناس بالحسنى.وكان أبو بكر صديقًا حميمًا لرسول الله (، وبمجرد أن دعاه الرسول ( للإسلام أسرع بالدخول فيه، واعتنقه؛ لأنه يعلم مدى صدق النبي ( وأمانته، يقول النبي (:"ما دعوت أحدًا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة وتردد ونظر، إلاأبا بكرما عكم (ما تردد) عنه حين ذكرته ولا تردد فيه"[ابن هشام].وجاهدأبو بكر مع النبي ( فاستحق بذلك ثناء الرسول ( عليه إذ يقول: "لو كنت متخذًا خليلا؛ لاتخذت أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي" [البخاري].ومنذ أعلن أبو بكر الصديق إسلامه، وهو يجاهد في سبيل نشر الدعوة، فأسلم على يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة وهم: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام،وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف-رضي الله عنه-.وكانت الدعوة إلى الإسلام في بدايتها سرية، فأحب أبو بكر أن تمتلئ الدنيا كلهابالنور الجديد، وأن يعلن الرسول ( ذلك على الملأ من قريش، فألح أبو بكر علي النبي ( في أن يذهب إلى الكعبة، ويخاطب جموع المشركين، فكان النبي ( يأمره بالصبر وبعد إلحاح من أبي بكر، وافق النبي (، فذهب أبو بكر عند الكعبة،وقام في الناس خطيبًا ليدعو المشركين إلى أن يستمعوا إلى رسول الله (،فكان أول خطيب يدعو إلى الله، وما إن قام ليتكلم، حتى هجم عليه المشركون من كل مكان، وأوجعوه ضربًا حتى كادوا أن يقتلوه، ولما أفاق -رضي الله عنه-أخذ يسأل عن رسول الله ( كي يطمئن عليه، فأخبروه أن رسول الله ( بخيروالحمد لله، ففرح فرحًا شديدًا.وكان أبو بكر يدافع عن رسول الله ( بمايستطيع، فذات يوم بينما كان أبو بكر يجلس في بيته، إذ أسرع إليه رجل يقول له أدرك صاحبك. فأسرع -رضي الله عنه-؛ ليدرك رسول الله ( فوجده يصلي في الكعبة، وقد أقبل عليه عقبة بن أبي معيط، ولف حول عنقه ثوبًا، وظل يخنقه،فأسرع -رضي الله عنه- ودفع عقبة عن رسول الله ( وهو يقول: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟! فالتفت المشركون حوله وظلوا يضربونه حتى فقد وعيه، وبعدأن عاد إليه وعيه كانت أول جملة يقولها: ما فعل رسول الله؟وظل أبوبكر-رضي الله عنه-يجاهد مع النبي ( ويتحمل الإيذاء في سبيل نشر الإسلام،حتى أذن الرسول ( لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة، حتى إذا بلغ مكانًا يبعد عن مكة مسيرة خمس ليال لقيه ابن الدغنة أحد سادات مكة، فقال له: أين تريد ياأبا بكر ؟فقال أبو بكر: أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبدربي. فقال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يُخرج، أنا لك جار(أي أحميك)، ارجع، واعبد ربك ببلدك، فرجع أبو بكر-رضي الله عنه- مع ابن الدغنة، فقال ابن الدغنة لقريش: إن أبا بكر لا يخرج مثله، ولا يخرج،فقالوا له: إذن مره أن يعبد ربه في داره ولا يؤذينا بذلك، ولا يعلنه، فإنانخاف أن يفتن نساءنا وأبناءنا، ولبث أبو بكر يعبد ربه في داره.وفكرأبو بكر في أن يبني مسجدًا في فناء داره يصلي فيه ويقرأ القرآن، فلما فعل ذلك أخذت نساء المشركين وأبناؤهم يقبلون عليه، ويسمعونه، وهم معجبون بمايقرأ، وكان أبو بكر رقيق القلب، كثير البكاء عندما يقرأ القرآن، ففزع أهل مكة وخافوا، وأرسلوا إلى ابن الدغنة، فلما جاءهم قالوا: إنا كنا تركنا أبابكر بجوارك، على أن يعبد ربه في داره، وقد جاوز ذلك فابتنى مسجدًا بفناء داره، فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فإنهه، فليسمع كلامك أو يردَّ إليك جوارك.فذهب ابن الدغنة إلى أبي بكروقال له: إما أن تعمل ما طلبت قريش أو أن تردَّ إليَّ جواري، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت رجلاً عقدت له (نقضت عهده)، فقال أبو بكر في ثقة ويقين: فإن أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله عز وجل.وتعرض أبو بكرمرات كثيرة للاضطهاد والإيذاء من المشركين، لكنه بقي على إيمانه وثباته،وظل مؤيدًا للدين بماله وبكل ما يملك، فأنفق معظم ماله حتى قيل: إنه كانيملك أربعين ألف درهم أنفقها كلها في سبيل الله، وكان -رضي الله عنه-يشتري العبيد المستضعفين من المسلمين ثم يعتقهم ويحررهم.وفي غزوةتبوك، حثَّ النبي ( على الصدقة والإنفاق، فحمل أبو بكر ماله كله وأعطاه للنبي (، فقال رسول الله ( له: "هل أبقيت لأهلك شيئًا؟" فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، ثم جاء عمر -رضي الله عنه- بنصف ماله فقال له الرسول: "هل أبقيت لأهلك شيئًا؟" فقال نعم نصف مالي، وبلغ عمر ما صنع أبو بكر فقال"والله لا أسبقه إلى شيء أبدًا" [الترمذي].فقد كان رضي الله عنه يحب رسول الله حبًّا شديدًا، وكان الرسول ( يبادله الحب، وقد سئل النبي ( ذات يوم: أي الناس أحب إليك؟ فقال: "عائشة" فقيل له: من الرجال، قال: "أبوها"[البخاري]. وكان -رضي الله عنه- يقف على جبل أُحُد مع رسول الله ( ومعهماعمر، وعثمان-رضي الله عنهما-، فارتجف الجبل، فقال له الرسول (: "اسكن أحد،فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان" [البخاري].ولما وقعت حادثة الإسراءوالمعراج، وأصبح النبي ( يحدث الناس بأنه قد أسري به من المسجد الحرام إلىالمسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماء السابعة، قال المشركون: كيف هذا،ونحن نسير شهرًا حتى نصل إلى بيت المقدس؟! وأسرعوا إلى أبي بكر وقالوا له:إن صاحبك يزعم أنه أسري به إلى بيت المقدس! فقال أبو بكر: إن كان قال ذلك فقد صدق، إني أصدقه في خبر السماء يأتيه.فسماه الرسول ( منذ تلك اللحظة (الصِّدِّيق).[ابن هشام]، كذلك كان أبو بكر مناصرًا للرسول ومؤيدًاله حينما اعترض بعض المسلمين على صلح الحديبية.وحينما أذن الله تعالي لرسوله بالهجرة، اختاره الرسول ( ليكون رفيقه في هجرته، وظلا ثلاثة أيام في غار ثور، وحينما وقف المشركون أمام الغار، حزن أبو بكر وخاف على رسول الله (، وقال: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلي قدميه، لأبصرنا، فقال له الرسول (: "ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما"[البخاري].وشهد أبوبكر مع رسول الله ( جميع الغزوات، ولم يتخلف عن واحدة منها، وعرف الرسول (فضله، فبشره بالجنة وكان يقول: "ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ما خلاأبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله بها يوم القيامة"[الترمذي].وكان أبو بكر شديد الحرص على تنفيذ أوامر الله، فقد سمع النبي ( ذات يوم يقول:من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، فقال أبو بكر: إن أحدشقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال له النبي (: "إنك لست تصنع ذلك خيلاء" [البخاري]. وكان دائم الخوف من الله، فكان يقول: لو إن إحدى قدميّ في الجنة والأخرى خارجها ما آمنت مكر ربي (عذابه).ولما انتقل الرسول ( إلى الرفيق الأعلى، اجتمع الناس حول منزله بالمدينة لا يصدقون أن رسول الله ( قد مات، ووقف عمر يهدد من يقول بذلك ويتوعد، وهو لا يصدق أن رسول الله قد مات، فقدم أبو بكر، ودخل على رسول الله ( وكشف الغطاء عن وجهه الشريف، وهو يقول: طبت حيًّا وميتًا يا رسول الله وخرج -رضي الله عنه- إلى الناس المجتمعين، وقال لهم: أيها الناس، من كان منكم يعبد محمدًا( فإن محمدًا قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت، فإنالله تعالى قال: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) [آل عمران: 144].ويسرع كبار المسلمين إلي السقيفة، ينظرون فيمن يتولى أمرهم بعد رسول الله (، وبايع المسلمون أبابكر بالخلافة بعد أن اقتنع كل المهاجرين والأنصار بأن أبا بكر هو أجدرالناس بالخلافة بعد رسول الله (، ولم لا؟ وقد ولاه الرسول ( أمر المسلمين في دينهم عندما مرض وثقل عليه المرض، فقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس"[متفق عليه].وبعد أن تولى أبو بكر الخلافة، وقف خطيبًا في الناس، فقال:"أيهاالناس إن قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف منكم قوي عندي حتى أريح(أزيل) علته إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ منه الحق إن شاء الله،ولا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا يشيع قوم قط الفاحشة؛ إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإن عصيت الله ورسوله؛ فلا طاعة لي عليكم.وقد قاتل أبو بكر -رضي الله عنه-المرتدين ومانعي الزكاة، وقال فيهم: والله لو منعوني عقال بعير كانوايؤدونه لرسول الله ( لقاتلتهم عليه. وكان يوصي الجيوش ألا يقتلوا الشيخ الكبير، ولا الطفل الصغير، ولا النساء، ولا العابد في صومعة، ولا يحرقوا زرعًا ولا يقلعوا شجرًا.وأنفذ أبو بكر جيش أسامة بن زيد؛ ليقاتل الروم، وكان الرسول ( قد اختار أسامة قائدًا على الجيش رغم صغر سنه،وحينما لقى النبي ( ربه صمم أبو بكر على أن يسير الجيش كما أمر الرسول (،وخرج بنفسه يودع الجيش، وكان يسير على الأرض وبجواره أسامة يركب الفرس،فقال له أسامة: يا خليفة رسول الله، إما أن تركب أو أنزل. فقال: والله لاأركبن ولا تنزلن، ومالي لا أغبِّر قدمي في سبيل الله. وأرسل -رضي الله عنه- الجيوش لفتح بلاد الشام والعراق حتى يدخل الناس في دين الله.ومن أبرز أعماله-رضي الله عنه-أنه أمر بجمع القرآن الكريم وكتابته بعد استشهاد كثير من حفظته.وتوفي أبو بكر ليلة الثلاثاء الثاني والعشرين من جمادى الآخرة في السنة الثالثةعشرة من الهجرة، وعمره (63) سنة وغسلته زوجته أسماء بنت عميس حسب وصيته،ودفن إلى جوار الرسول (.وترك من الأولاد: عبد الله، وعبد الرحمن، ومحمد، وعائشة وأسماء، وأم كلثوم-رضي الله عنهم-. وروى عن رسول الله ( أكثر من مائة حديث.